Friday, June 5, 2009

الصياد الصالح

في حكاية تعود إلى الأساطير القديمة ورد أن قرية صغيرة اعتاد أهلها على تربية المواشي وجز صوف الخراف وحراثة الحقل، و إلى جانب ذلك فلقد كانت القرية مرتعاً لقنص الحيوانات في مواسم الصيد.
وكان هناك صياد صالح لم يكن يرى في القنص رياضة متوحشة، بل كان يرى فيه فن واحترام لتقاليد المكان، وبفضله انشأت تلك المنطقة محمية للحيوانات، وطبقت البلدية قراراً يهدف لحماية الحيوانات المعرضة للانقراض. كما كان ذلك الصياد الصالح رجلاً شريفاً إذ كان يحاول دائماً أن يرسّخ في أذهان الصيادين كافة أن هواية القنص أن صح التعبير هي فن للعيش، وكان يرافق الأثرياء إلى أماكن الصيد ليعلمهم فنون القنص.

وتقول الحكاية بأنه كان يبدأ درسه الأول دائماً بوضع علبة كبريت فارغة فوق حجر ويبتعد مسافة خمسين متراً وبرصاصة واحدة كانت العلبة تتطاير. ومن ثم يضحك بملء فيه ويقول لمرافقه المتدرب "أنا أفضل رام ِ في المنطقة، والآن ستتعلم طريقة تجعلك ماهراً مثلي".
وكان الصياد يعيد العلبة إلى مكانها ويطلب من مرافقه أن يعصب له عينيه وبعد ذلك يطلق النار، ثم يسأله: "هل أصبتها..؟" فيقول مرافقه وهو مسرور بأن يرى مدربه المعتّد بنفسه موضع سخرية "لا طبعاً، لقد مرت الطلقة بعيداً أظن أنه ليس لديك ما تعلمني إياه! فيجيبه الصياد الصالح: "لقد لقنتك الدرس الأكثر أهمية في الحياة؛ إذا أردت أن تنجح في أمر ما، فدع عينيك مفتوحتين، وركز تفكيرك لكي تدرك تماماً ما الذي تريده، لا أحد يصيب هدفه وهو مغمض العينين!". ذات يوم وفي الوقت الذي كان الصياد الصالح يعيد العلبة إلى مكانها، ظن مرافقه المتدرب بأن دوره قد حان لإطلاق النار، فأخطا العلبة وأصاب الصياد في رأسه مباشرة، فسقط أرضاً وهو يقول: "ألم أقل لك لا أحد يصيب هدفه وهو مغمض العينين…!!"

وبهذا أنهى حادث قنص عارض حياة صياد صالح كافح طويلاً من أجل أن يرسخ في الأذهان أن القنص فن واحترام لتقاليد المكان.. وليس رياضة متوحشة..!!

No comments:

Post a Comment